بين الجثث والقتلى، تؤدى يسرا لأول مرة دور طبيبة شرعية فى مسلسل «بالشمع الأحمر»، وترتدى ثوبا لم تعرفه الدراما من قبل، ورغم أن الدور يبدو غريبا وجديدا، فإن هناك ملاحظات كثيرة تم تسجيلها عليه، ليس من مشاهدين عاديين ساءتهم تلك المشاهد التى تظهر فيها الجثث والدماء فحسب، بل من أطباء شرعيين اعتبروا الدور مبالغ فيه، ويحمل إساءة لهم.
يشرف على المادة العلمية فى المسلسل د. السباعى أحمد، السباعى كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعى، والذى أكد فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم» أن المسلسل يضىء الجانب المظلم فى حياة الطبيب الشرعى، ويقدمه للمشاهد لأول مرة، بحيث يتعرف المشاهد على طبيعة العمل الشاقة التى يتعرض لها، وقال: المسلسل أنصف الطب الشرعى كهيئة وطبيب، والناس بدأت تسألنى عن حياة الطبيب الشرعى والتى لم تكن معروفة بالنسبة لكثيرين.
السباعى أكد أن المنتج جمال العدل ويسرا عرضا عليه المسلسل، وطلبا منه أن يشرف على المادة العلمية فيه، وقال: عرضت الموضوع على الوزارة وشرحت لهم الموقف وكيف أن المسلسل فرصة جيدة لتوضيح مهنة الطب الشرعى، ووافق وزير العدل على المبدأ، وبدأنا جلسات العمل مبكرا لوضع الخطوط الأساسية لشخصية يسرا كطبيبة شرعية، فضلا عن جلسات عمل مع المؤلفة مريم ناعوم لضبط المادة العلمية فى أحداث المسلسل، وجلسات عمل أخرى تمت فى المشرحة، وبسطنا لهم المصطلحات بحيث يفهمها المشاهد بسهولة، وبعد جلسات العمل التى عقدت فى مشرحة زينهم، بنى مخرج المسلسل مشرحة داخل الاستديو وبدأ التصوير، وقد اطلعت على سيناريو المسلسل واكتشفت أنه خلاصة لعدد كبير من الحوادث والقصص التى تنشرها الصحف يوميا، وهو ذكاء من المؤلفة التى استطاعت قراءة تفاصيل دقيقة فى حياة الطبيب الشرعى، وأعتقد أن الناس بعد هذا المسلسل، سيدركون مدى المعاناة التى يمر بها الطبيب الشرعى.
السباعى أكد أنه لم يطلب حذف أى مشاهد من المسلسل، وأن كل التعديلات التى أجراها على النص لها علاقة بالمادة العلمية وشخصية الطبيب الشرعى، وقال: بصراحة فريق عمل المسلسل كان متعاوناً جدا ونفذ كل التعديلات والتزم جيدا بالشرح الذى قدمته له، كما أن أداء يسرا لدور الطبيبة الشرعية جيد، لا توجد فيه مبالغه.
جاء رأى د. فخرى صالح، كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعى سابقا، مناقضا تماما لرأى السباعى، وأكد فخرى لـ«المصرى اليوم» أنه رغم اجتهاد يسرا فى الدور، لكن الموضوع «كبر منها» حسب وصفه، وقال: يسرا بالغت جدا فى فهم الدور، فضلا عن أن المسلسل لم يقدم سوى ٥% من شخصية الطبيب الشرعى، وللأسف نقل أسوأ جزء عنده، بل أساء لسمعته، وقال: هناك مآخذ كثيرة على المسلسل، منها أنه أوضح أن مصلحة الطب الشرعى بها فتن وحقد بين العاملين فيها، وطوال عملى الجاد داخل المصلحة لم أجد أى جوانب عاطفية ولا تسبيل العيون الذى نراه فى المسلسل، وبصراحة لا أخفى حزنى من العمل الذى أساء للطبيب أكثر مما عرض لحياته الشاقة، ولا أقول إن الطبيب الشرعى ملاك، لكنه ليس بهذا السوء الذى عرضه المسلسل، وحتى إذا وجدت سلبيات، لا يجب أن نتناولها فى أول عمل درامى عن شخصية الطبيب الشرعى، وأحيانا أشعر أننى اتابع «ست كوم» كوميدى أو «فانتازيا» عن الطب الشرعى، لأنه هدم صورة الطبيب الشرعى ولم يحسنها كما يعتقد البعض، كما أن المسلسل به مغالطات من عينة أن طبيب المعمل يمارس عملا إضافيا بعد الظهر، وهو أمر ممنوع بالنسبة لكل العاملين فى المصلحة، فلا يستطيع أحدنا العمل فى أى وظيفة أخرى لحساسية دورنا.
صالح شكك فى أن يكون د. السباعى قد أشرف على جميع حلقات المسلسل، وقال: أصله لو أشرف على المسلسل ما كانش طلع بهذه الصورة، وأعتقد أنه أعطاهم بعض النصائح المتعلقة بالشخصية استفادوا منها، وقال: من أكثر المشاهد التى أحزنتنى عندما وضع العاملون طعامهم داخل ثلاجات حفظ الموتى، ليس لأنه مشهد مقزز فحسب، بل لأنه مشهد لا يحدث من الأساس، وبه إساءة بالغة للعاملين فى المصلحة. أكد صالح أن دور يسرا مبالغ فيه، لأن الطبيب الشرعى دوره ينتهى عند كتابة التقرير، ولا يفعل مثلما تفعل يسرا، لأن الباقى مهمة جهات التحقيق وليس الطب الشرعى.
ويرى صالح أن المسلسل لم يعرض ولو واحد على مائة مما عرضه مسلسل «المحاكمة» عام ١٩٨٩ بطولة صلاح السعدنى وسماح أنور، وقال: رغم أن «المحاكمة» لم يتوغل فى خبايا العمل فى مهنة الطب الشرعى، فإنه قدم صورة أفضل مما يقدمه «بالشمع الأحمر»، وكان من الممكن أن يكون هذا المسلسل هو الأفضل فى رمضان لو عالج الموضوع بحرفية أكثر وقدم وجهة نظر متعمقة خالية من الحشو، لكنه كغيره من الأعمال أخذ القشرة وترك المضمون، فلا يجب أن نعتبر المسلسل ينقل صورة للطب الشرعى فى مصر.