نعم تخيّل عزيزي القارئ أنه بينما نفخر نحن بنو البشر بنظام الملاحة GPS المتطور بأقماره الصناعية وأجهزته الإلكترونية الفائقة، اكتشف العلماء أن الخنافس الصغيرة التي لا تعقل تستخدم ضوء الكون كنظام للملاحة !
لكن كيف تفعل ذلك؟
لنفهم الإجابة دعونا نتعرف أولاً على كيفية اكتساب هذه الخنافس العجيبة لقوت يومها:
تعيش خنافس الروث الأفريقية التي تعرف باسم سكاربياس ساتيراس (يحب العلماء دائماً معاقبتنا بأسماء صعبة!) على روث الحيوانات، وتحرص دائماً على البحث عن كومة روث طازج لتكون فيها فائدة غذائية أكبر (حياتها مقززة لكن هكذا تعيش!)، وبمجرد أن تجد هذه الكومة تقتطع جزءاً منها ثم تبدأ في تشكيله ببراعة وعناء ليصبح على شكل كرة مثالية.
ثم تبدأ الخنافس وحدها (أو مع إناثها) في دحرجة هذه كرات الروث لمكان معيشتها، ثم تقوم بدفنها هناك لتصبح بعد ذلك وجبة لأطفالها.
لكن في الحقيقة الموضوع ليس بهذه البساطة فقط، لأن هناك كائنات أخرى تضع عينها على كومة الروث ذاتها، لذا بمجرد صناعة كرة الروث تدحرجها الخنافس بسرعة بعيداً عن كومة الروث حتى تفلت من اللصوص، وهنا تكمن الخدعة !
لتفعل ذلك بسرعة عليها السير في خطوط مستقيمة، لذا حين تخرج من أعشاشها تخرج أيضاً في خطوط مستقيمة ليسهل لها العودة للمكان ذاته.
فكيف تعرف الخنافس أنها تتحرك في خطوط مستقيمة؟!
بحث العلماء ذلك قديماً واكتشفوا أنها تتبع ضوء الشمس، لكن كان المحير هي كيف تفعل ذلك في المساء؟
كان هذا السؤال محور تجربة في جنوب أفريقيا لتجد الإجابة المدهشة التالية:
تملك هذه الخنافس مستقبلات حساسة جداً للضوء، وتستطيع رؤية ضوء المجرّة !!
تستطيع هذه الخنافس الصغيرة توجيه نفسها للضوء القادم من المجرة فتذهب وتعود في خطوط مستقيمة!!
أليس ذلك أغرب مما نراه في أفلام الخيال العلمي؟!!
تخيل الآن حجم الضرر الذي تسبب التلوث الضوئي الناتج عن أضواء المدن، ومدى تأثير ذلك على هذه الكائنات الصغيرة !!
لذا إن وجدت خنفساً بجوارك لا تقتله وتأكد أنه ضلّ الطريقك بسببنا