بانر

تدريس فساد جمال مبارك فى جامعة «هارفارد» العام المقبل

قال إسحاق ديوان، المحاضر فى كلية السياسة بجامعة هارفارد الأمريكية، إنه سيقوم بتدريس نموذج جمال مبارك فى دعم رجال الأعمال المتصلين به، فيما يطلق عليه «رأسمالية المحاسيب»، فى الجامعة بداية من العام القادم، واصفا اياه بأنه نموذج كاريكاتيرى من المحسوبية، «فى العادة لا يطبق الواقع النظرية بشكل كامل، ولكن النموذج المصرى فى المحسوبية استطاع»، وفقا لديوان.

وتشير دراسة «رأسمالية المحاسيب» إلى أن العلاقات السياسية للشركات المملوكة لرجال جمال مبارك تمثل ما بين 20 و23% من إجمالى قيمتها أى أن تقييمها بدون تلك العلاقات يقل بنفس النسبة.


وقام الباحثان اللذان قاما بالدراسة بتتبع أعمال 32 شخصا كانوا على علاقة سياسية بجمال مبارك والقطاعات التى يعملون بها، «تتبعت 32 شخصا أثق فى علاقتهم بجمال»، وفقا لديوان، الذى أشار إلى أن الـ32 رجل أعمال يملكون 105 شركات، وهم اعضاء فى مجالس ادارات 469 شركة يعمل بها نصف مليون شخص، رافضا الإعلان عن أسماء رجال الأعمال هؤلاء، لأن «الاقتصاد هو الغرض من الدراسة وليس المحاكمة».

ووجد ديوان أن الآلية الأساسية المستخدمة لمنح الامتيازات للشركات المتصلة بمبارك الابن، هى وضع قيود على دخول مستثمرين جدد، والسماح لهم بالحصول على قروض من البنوك، وزيادة حجمهم، حيث يعمل معظم رجال الأعمال التابعين لابن الرئيس السابق فى القطاعات المحمية مثل مواد البناء والمعادن والخدمات، وتخدم الطلب الداخلى وليس التصدير، مما يبعدها عن المنافسة الأجنبية، «كانت الشركات تنمو لأنها على علاقة بجمال، وليس العكس»، وفقا لديوان الذى استرشد بتاريخ هذه الشركات قبل علاقتها السياسية بابن مبارك.


وبمقارنة الشركات المتصلة بغير المتصلة، وجد الباحثان أن الشركات المتصلة بجمال مبارك نسبة ديونها إلى أسهمها بلغت 1.6% مقارنة بـ0.5% لغير المتصلة.

وينفى ديوان أن تكون لسياسات جمال أى أثر جيد على النمو، بمقارنة أداء الشركات المتصلة به بغيرها، فقد «وجدنا أن معدل العائد على الأصول للشركات المتصلة أقل بـ3% من الشركات الأخرى، لذلك لا يمكن اعتبار أن المزايا التى حصل عليها رجال جمال كانت تعبر عن سياسات صناعية ناجحة، لأنه وزع الأموال على شركات أقل كفاءة مما أدى إلى تخفيض معدل النمو، كما أضر بالمنافسة فى السوق»، كما يقول الأستاذ الجامعى الذى يقوم بالتدريس فى أفضل رابع جامعة على مستوى العالم، معتبرا أنها «محسوبية غير كفئة»، ومشيرا إلى أنه فى حالة ذهاب القروض التى حصلت عليها هذه الشركات إلى شركات أخرى لكانت الدولة حققت نموا أعلى بـ3% تقريبا، وولدت وظائف أكثر.

«المزايا لم يكن هدفها تحسين وضع الاقتصاد ولكن كانت هدايا متبادلة بين رجال الأعمال والسياسيين ليدعموهم فى الانتخابات»، وفقا للدراسة، التى قدمها ديوان فى الورشة التى عقدها منتدى البحوث الاقتصادية فى تونس الشهر الماضى.

ولم تحدد الدراسة سببا لانخفاض ربحية الشركات المتصلة «ربما لأنها كانت موالية ولم تكن كفئة، وربما لأنهم كانوا يمولون الانتخابات»، وفقا لديوان، «ولكن السيئ أن موارد الدولة كانت توزع على أنشطة اقل ربحية فى دولة يكافح الاستثمار الخاص فيها ليبقى أعلى من 10% من الناتج المحلى الإجمالى»، وفقا للدراسة. كما قدر الباحثان تأثير المحسوبية على السياسة المصرية بـ«أسوأ بكثير من تأثيرها على الاقتصاد»، حيث وجدوا تسربا بنسبة 1% من أرباح هذه الشركات، حوالى 300 مليون دولار كل عام، من 30 مليار دولار القيمة السوقية للشركات ذات الصلات السياسية. يذهب جزء كبير منها إلى الرشاوى الانتخابية واعتبرت الدراسة أن هذه الدولارات كانت تستطيع أن تخلق مساهمة فاعلة فى الانتخابات، لو وجهت توجيها صحيحا، وربما يفسر هذا لماذا بقى النظام لفترة طويلة، وتطلب تغييره ثورة مكلفة بدلا من طرق أكثر كفاءة؟

وختم الباحثان دراستهما بأن العلاقات الواسعة بين الدولة ومجتمع الأعمال كانت مصدر الفساد الذى شوه السياسة ومحفزات الاستثمار، وطالب بدراسة الواقع السياسى المصرى كمدخل للسياسات الاقتصادية، «20% أو أكثر من قيمة الشركات عبارة عن علاقة سياسية، وهذا يعنى منع الآخرين من دخول السوق»، وفقا للدراسة.