بانر

تعليقات كوميدية وساخرة حول الاحوال الجوية السيئة بالاردن


واجه الأردنيون الآثار التي أحدثتها الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة خلال المنخفض الجوي العميق المستمر منذ مساء الأحد الماضي بأنواع مبتكرة من السخرية من الواقع، سواء السيول في الشوارع أو آثارها على حملات الترشح للانتخابات البرلمانية المقررة بعد أسبوعين.

وأظهرت عشرات الصور التي تبادلها الأردنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر خدمات الرسائل المصورة ومقاطع الفيديو، منسوبا عاليا من السخرية لدى الأردنيين من الآثار التي أحدثها المنخفض الجوي العميق الذي أطلق عليه البعض اسم 'إعصار فتحية'، في إشارة ساخرة إلى أن أسماء الأعاصير التي تجتاح دولا حول العالم تحمل أسماء مؤنثة.

وتبادل الأردنيون صورا للمياه التي غمرت عددا من الأنفاق في العاصمة عمّان والتي تعطل فيها السير تماما، كما تبادلوا صورا لميادين غرقت بالمياه وأبرزها ميادين صويلح والواحة والدوار الثامن، فضلا عن شوارع غرقت بالمياه تماما وتسببت باختناقات مرورية وصلت حد قطع طريق الأوتستراد الرئيس بين عمّان والزرقاء.

الأردنيون أطلقوا أسماء جديدة على السيول التي اجتاحت الأنفاق والميادين المختلفة، فسموا بعضها بحيرات وأخرى أنهارا، فيما فضلوا تركيب صور عبر 'الفوتوشوب' تظهر مواطنين يتنقلون عبر 'قارب' للنقل العام في منطقة دوار صويلح، أو تشير إلى ظهور تماسيح ودلافين في الأنهار في شوارع عدة من العاصمة عمّان.

السخرية وصلت حد تبادل رسائل ساخرة منها ما تحدث عن ارتفاع أسعار الشقق في عمّان بعد أن باتت كل عمّان 'واجهة بحرية'، أو تلك التي تحدثت عن أن سكان عمّان باتوا ينافسون سكان فنيسيا الإيطالية من خلال اعتمادهم على القوارب في التنقل في شوارعهم التي باتت أنهارا.

الحملات الانتخابية
وبالرغم من أن الحالة الجوية التي يمر بها الأردن أظهرت قدرة السلطات على التعامل معها بشكل ربما أكثر كفاءة من دول أخرى مجاورة تأثرت بأحوال مشابهة، إلا أن تزامنها مع الحملات الانتخابية دفع السخرية الأردنية لواجهة السياسة.

فقد تبادل الأردنيون عشرات الصور للمصير الذي آلت إليه يافطات وصور الحملات الانتخابية، والتي دمرت بشكل شبه كامل بفعل الرياح التي وصلت سرعتها إلى 120 كم في الساعة في بعض الأحيان.

الصورة الأكثر قسوة لمصير اليافطات وصور المرشحين كانت تلك التي أظهرت حاويات قمامة وقلابات وجرافات تابعة لأمانة عمّان تقوم بجمع الآلاف منها في مكان تابع لها تمهيدا لإتلافها.

التعليقات على هذه الصورة وغيرها من صور التلف للحملات الانتخابية لم تكن ساخرة بقدر ما كانت سياسية بامتياز، وذهب البعض وخاصة من المعارضين والمقاطعين للانتخابات لاعتبار أن تلف الدعاية الانتخابية رسالة إلى تلف مخرجات العملية الانتخابية المقبلة، في إشارة إلى رفض المقاطعين للانتخابات الاعتراف بشرعية مجلس النواب الذ ستفرزه الانتخابات المقررة في 23يناير/كانون الثاني 2013.

وبالرغم من التناول الساخر لمشاهد مخلفات العاصفة التي يتوقع أن تستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري، إلا متخصصين نظروا لها بشكل أكثر عمقا وتحليلا.

الكاتب السياسي وأستاذ الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة اعتبر أن موجة السخرية الأردنية الحالية تندرج تحت بند 'الدفاع النفسي لكنه من نوع جديد وكبير اجتاح المجتمع الأردني'.

الواقع الافتراضي
وقال للجزيرة نت إن انتقال السخرية من الواقع الحقيقي إلى الواقع الافتراضي بهذا الحجم والاتساع يؤشر إلى تحولات مهمة في المجتمع الأردني الذي انتقل بشكل واضح من كونه مجتمعا محافظا جديا إلى أنه مجتمع يحظى بروح دعابة موجهة برسائل مباشرة باتجاهات سياسية واجتماعية.

وتابع 'هذا الشكل من الدعابة يعبر عن أسلوب تفريغ جديد للمجتمع الأردني ينقل من خلاله الظروف القاهرة في الواقع إلى روح دعابة في المجتمع الإلكتروني الافتراضي'.

ويرى الحباشنة أن أسهل طرق التعبير هي التعبير بالفكاهة مما يسهل انتشارها رغم مضامين الفكاهة الخطيرة في كثير من الأحيان، من حيث المضمون الذي يحمل أمرا مشتركا بين غالبية الجمهور.

وعن أسلوب تعامل السياسيين مع هذه الظواهر الجديدة من الاحتجاج الفكاهي، يرى الحباشنة أن كثيرا من السياسيين يتبادلون هذه الرسائل كما يتبادلها المواطنون ويضحكون على مضمونها.

وزاد 'حتى الآن لا يوجد لدينا في الأردن مطبخ سياسي حقيقي ينظر لهذه الظواهر بشكل علمي ويحلل مضمونها الخطير الذي يحتاج لعلاج، لأن النكتة التي تحمل نقدا شديدا وتتمرد على الواقع ستتحول بعد وقت لتغيير اجتماعي كبير'.

وختم بالقول 'الشيوع الاجتماعي لظاهرة ما.. جدها جد كما أن هزلها جد أيضا، ومن يعتقد أن النقد عن طريق الدعابة لن يتحول لموقف سياسي مخطئ وينتظر التغيير حتى يصله دون أن يحس به'.