نانسي زابون (28 عاما)، أم لثلاثة أولاد، قتلها زوجها السابق مطلع شهر
أغسطس/آب الجاري، في وضح النهار في سوق المدبسة الرئيسي في مدينة بيت لحم
بالضفة الغربية. وعزا البعض عملية القتل إلى وجود مشاكل زوجية، غير أن زوج
نانسي يواجه تهما بالقتل العمد من محكمة بداية بيت لحم، بحسب وسائل الإعلام
المحلية.
وقبلها بأسابيع، قتلت سيدتان أيضا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب ما يسمى بجرائم الشرف، أي عندما تقتل المرأة على يد أحد أقربائها لأنها جلبت العار لاسم العائلة.
إثر ذلك، تعالت أصوات الناشطين الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان، مطالبين القيادة الفلسطينية بالعمل الفعّال لوقف العنف ضد المرأة. فهل ستلفت هذه القضايا الانتباه إلى مشكلة العنف المنزلي والحاجة إلى إصلاح قوانين الأحوال الشخصية في الأراضي الفلسطينية؟
في هذا الإطار، أكدت دراسة مسحية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) حول وضع المرأة الفلسطينية، أن الحركات النسائية الفلسطينية تتمتع بوعي قوي وخبرة متزايدة في التصدي للمشاكل القانونية الناجمة عن عدم مساواة الجنسين.
وقد ضغطت هذه الحركات باتجاه إستراتيجية شاملة لإصلاح قوانين الأحوال الشخصية سعيا للحد من العنف ضد المرأة.
في هذا السياق، أكدت رئيسة مركز المرأة في الإسكوا مهريناز العوضي في اتصال هاتفي مع موقع "راديو سوا" أن الإسكوا تعمل مباشرة مع الدول الأعضاء لبناء قدراتها، مشيرة إلى أن عمل اللجنة يشمل على سبيل المثال لا الحصر بناء القدرات والآليات التي تفعّل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ووضع خطة عمل للتصدي للعنف ضد المرأة أو العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل عام.
ولفتت العوضي إلى أن السلطة الفلسطينية هي واحدة من البلدان التابعة للإسكوا الأكثر تقدما من حيث الاستجابة لهذا الموضوع.
وأضافت "لقد أجروا العديد من البحوث، ووضعوا إستراتيجيات وطنية للحد من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. إنهم متقدمون جدا".
إستراتيجية فلسطينية
ووافقت وزيرة شؤون المرأة في السلطة الفلسطينية رابحة دياب على ما قالته العوضي، وقالت في اتصال هاتفي مع موقع "راديو سوا" " كامرأة في السلطة الوطنية الفلسطينية نحرز تقدما كبيرا وملحوظا على كافة المستويات سواء بالقوانين أو بالتدريب وبالتمكين من خلال الإستراتيجيات التي أنجزت لاسيما إستراتيجية مكافحة العنف ضد المرأة، والتي على مستوى المنطقة العربية نعد الأوائل من الذين استطاعوا إنجازها".
ورغم هذه الإيجابية، إلا أن المرأة الفلسطينية تعاني من تمييز أمام القوانين. في هذا الإطار، قالت دياب "نحن نتعامل مع كوكتيل قوانين، ففي الضفة الغربية نخضع للقانون الأردني، وفي قطاع غزة نخضع للقانون المصري، إضافة في الجهتين لقانون الانتداب البريطاني والقانون الإسرائيلي وقانون الطوارئ. كل هذه القوانين تساعد على عدم الاستقرار وعلى عدم فهم ما يجري".
ولكن كيف ينعكس هذا الخلل القانوني على وضع المرأة في الأراضي الفلسطينية من ناحية تزايد جرائم الشرف ضدها؟
وفي هذا الإطار، قالت الباحثة والناشطة في مجال حقوق المرأة الفلسطينية لونا سعادة في رسالة إلكترونية إنه لا يمكن الحكم بالتعميم إيجابا أو سلبا بالنسبة لوضع المرأة الفلسطينية، مشيرة إلى وجود نواح تشير إلى تحسن وضع المرأة كتعليم الإناث على سبيل المثال، في مقابل ارتفاع وتيرة العنف ضد النساء في جميع المراحل العمرية وفقا لما جاء في آخر مسح للعنف في المجتمع الفلسطيني.
استخدام الشرف كمبرر
ولفتت سعادة إلى أن القضاء على ظاهرة جرائم القتل بدواعي ما يسمى جرائم الشرف يجب أن يشمل قطاعات المجتمع الفلسطيني المختلفة (الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الثقافية والقانونية)، قائلة "جميعها مترابطة. والعمل على تطوير مكانة النساء في كل قطاع يؤدي إلى القضاء على جريمة القتل".
غير أن سعادة لفتت إلى أنه في أحيان كثيرة يتم استخدام الشرف كمبرر لتحقيق أهداف أخرى مثل الحصول على الإرث أو النزاع على حضانة الأطفال، مضيفة "بما أن القانون لصالح مرتكب الفعل وحماية المعتدي يتم استغلال القتل على خلفية ما يسمى شرف الأسرة للاستفادة من القانون المطبق بعدم اعتبارها جريمة قتل".
في هذا الإطار، قالت الوزيرة دياب "استطعنا أن نسلط الضوء كوزارة شؤون المرأة على أن هناك نساء تقتلن بسبب الإرث أو لنكاية أو لشبهة أو لترتيب مسبق ويغلفونها بقضايا شرف"، مشيرة إلى أن مجلس الوزراء الفلسطينية أصدر مطلع عام 2010 مرسوما رئاسيا علق فيه العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات الساريين في الأراضي الفلسطينية بشأن الجرائم الواقعة على خلفية الشرف.
قانون أحوال شخصية
ولكن لماذا لا تطبق القوانين للحد من هذه الجرائم؟ وهل المجتمع الفلسطيني جاهز للتغيير، إن كان لجهة إصلاح قوانين الأحوال الشخصية أو لجهة وضع حد للعنف المنزلي ضد المرأة؟
"نحن ليس لدينا قانونا فلسطينيا للأحوال الشخصية "، قالت دياب.
وأضافت "كنا بدأنا بدراسة مشروع قانون، لكنه ما يزال مشروعا حتى الآن، وتدرسه كافة الجهات والشرائح والحركات النسائية والوزارات المعنية المختلفة والمؤسسات الحقوقية حتى نستطيع إقراره فيما بعد".
وفي المقابل، لفتت الناشطة سعادة إلى وجود إستراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تم تطويرها وإعدادها من قبل اللجنة الوطنية لمناهضة العنف بقيادة وزارة شؤون المرأة ودعم من هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة ضمن برنامج الأهداف الإنمائية.
وأضافت سعادة أن هذه الإستراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسية وهي الحماية والوقاية والتمكين. وقد توجهت إلى جميع الفئات في المجتمع لتحديد أدوارهم وإشراكهم في عملية التغيير الاجتماعي.
فيما أكدت دياب أن "المجتمع الفلسطيني مستعد للتغيير وهو يعمل بكل جهد سواء على مستوى قطاع الشباب أو على مستوى المؤسسات الحكومية أو على مستوى منظمات المجتمع المدني وأيضا القطاع الخاص".
وشددت على ضرورة "أن نعمل بجهد لنصل إلى نسائنا في الأرياف وفي المناطق المختلفة وأن نبدأ بتطبيق الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في مختلف الأراضي الفلسطينية".
توافر الظروف
غير أن سعادة سلطت الضوء على "أن المجتمع الفلسطيني في حالة تغييرات متعددة وعدم استقرار"، مشيرة إلى أن ارتفاع نسبة البطالة سبب سياسة الإغلاق، وتحكم إسرائيل بشق العمل والموارد الاقتصادية للسلطة، إضافة إلى تعطيل المجلس التشريعي والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، كلها عوامل تصعب عمل المؤسسات على مناهضة العنف ضد النساء.
ولفتت سعادة إلى أنه "لا يمكن الوقوف جانبا وتأجيل القضايا الاجتماعية لحين توفر الظروف السياسية المناسبة".
وأضافت "يجب أن تصان الحقوق في أي ظرف كان. وهذه المعضلة وقعت فيها العديد من المجتمعات العربية، وتضررت منها الحركات النسائية، إلا أنها وعت حاليا بضرورة العمل على حماية حقوق وامتيازات النساء في ظل أي سيادة. وهذا يتطلب حاليا عمل المؤسسات على تمكين النساء من المشاركة السياسية وتوفير الفرص المناسبة لوصولها إلى المراكز العليا من صنع القرار".
هذا القلق على مستقبل المرأة العربية أبدته أيضا رئيسة مركز المرأة في الإسكوا مهريناز العوضي.
وقد دعت في معرض حديثها الدول العربية إلى إيلاء المرأة المزيد من الاهتمام من خلال وضع وتفعيل استراتيجيات تحد من العنف ضد المرأة، إضافة إلى تعزيز القوانين لتمكين المرأة من المشاركة السياسة في ظل الوضع الراهن.
وقبلها بأسابيع، قتلت سيدتان أيضا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب ما يسمى بجرائم الشرف، أي عندما تقتل المرأة على يد أحد أقربائها لأنها جلبت العار لاسم العائلة.
إثر ذلك، تعالت أصوات الناشطين الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان، مطالبين القيادة الفلسطينية بالعمل الفعّال لوقف العنف ضد المرأة. فهل ستلفت هذه القضايا الانتباه إلى مشكلة العنف المنزلي والحاجة إلى إصلاح قوانين الأحوال الشخصية في الأراضي الفلسطينية؟
في هذا الإطار، أكدت دراسة مسحية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) حول وضع المرأة الفلسطينية، أن الحركات النسائية الفلسطينية تتمتع بوعي قوي وخبرة متزايدة في التصدي للمشاكل القانونية الناجمة عن عدم مساواة الجنسين.
وقد ضغطت هذه الحركات باتجاه إستراتيجية شاملة لإصلاح قوانين الأحوال الشخصية سعيا للحد من العنف ضد المرأة.
في هذا السياق، أكدت رئيسة مركز المرأة في الإسكوا مهريناز العوضي في اتصال هاتفي مع موقع "راديو سوا" أن الإسكوا تعمل مباشرة مع الدول الأعضاء لبناء قدراتها، مشيرة إلى أن عمل اللجنة يشمل على سبيل المثال لا الحصر بناء القدرات والآليات التي تفعّل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ووضع خطة عمل للتصدي للعنف ضد المرأة أو العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل عام.
ولفتت العوضي إلى أن السلطة الفلسطينية هي واحدة من البلدان التابعة للإسكوا الأكثر تقدما من حيث الاستجابة لهذا الموضوع.
وأضافت "لقد أجروا العديد من البحوث، ووضعوا إستراتيجيات وطنية للحد من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. إنهم متقدمون جدا".
إستراتيجية فلسطينية
ووافقت وزيرة شؤون المرأة في السلطة الفلسطينية رابحة دياب على ما قالته العوضي، وقالت في اتصال هاتفي مع موقع "راديو سوا" " كامرأة في السلطة الوطنية الفلسطينية نحرز تقدما كبيرا وملحوظا على كافة المستويات سواء بالقوانين أو بالتدريب وبالتمكين من خلال الإستراتيجيات التي أنجزت لاسيما إستراتيجية مكافحة العنف ضد المرأة، والتي على مستوى المنطقة العربية نعد الأوائل من الذين استطاعوا إنجازها".
ورغم هذه الإيجابية، إلا أن المرأة الفلسطينية تعاني من تمييز أمام القوانين. في هذا الإطار، قالت دياب "نحن نتعامل مع كوكتيل قوانين، ففي الضفة الغربية نخضع للقانون الأردني، وفي قطاع غزة نخضع للقانون المصري، إضافة في الجهتين لقانون الانتداب البريطاني والقانون الإسرائيلي وقانون الطوارئ. كل هذه القوانين تساعد على عدم الاستقرار وعلى عدم فهم ما يجري".
ولكن كيف ينعكس هذا الخلل القانوني على وضع المرأة في الأراضي الفلسطينية من ناحية تزايد جرائم الشرف ضدها؟
وفي هذا الإطار، قالت الباحثة والناشطة في مجال حقوق المرأة الفلسطينية لونا سعادة في رسالة إلكترونية إنه لا يمكن الحكم بالتعميم إيجابا أو سلبا بالنسبة لوضع المرأة الفلسطينية، مشيرة إلى وجود نواح تشير إلى تحسن وضع المرأة كتعليم الإناث على سبيل المثال، في مقابل ارتفاع وتيرة العنف ضد النساء في جميع المراحل العمرية وفقا لما جاء في آخر مسح للعنف في المجتمع الفلسطيني.
استخدام الشرف كمبرر
ولفتت سعادة إلى أن القضاء على ظاهرة جرائم القتل بدواعي ما يسمى جرائم الشرف يجب أن يشمل قطاعات المجتمع الفلسطيني المختلفة (الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الثقافية والقانونية)، قائلة "جميعها مترابطة. والعمل على تطوير مكانة النساء في كل قطاع يؤدي إلى القضاء على جريمة القتل".
غير أن سعادة لفتت إلى أنه في أحيان كثيرة يتم استخدام الشرف كمبرر لتحقيق أهداف أخرى مثل الحصول على الإرث أو النزاع على حضانة الأطفال، مضيفة "بما أن القانون لصالح مرتكب الفعل وحماية المعتدي يتم استغلال القتل على خلفية ما يسمى شرف الأسرة للاستفادة من القانون المطبق بعدم اعتبارها جريمة قتل".
في هذا الإطار، قالت الوزيرة دياب "استطعنا أن نسلط الضوء كوزارة شؤون المرأة على أن هناك نساء تقتلن بسبب الإرث أو لنكاية أو لشبهة أو لترتيب مسبق ويغلفونها بقضايا شرف"، مشيرة إلى أن مجلس الوزراء الفلسطينية أصدر مطلع عام 2010 مرسوما رئاسيا علق فيه العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات الساريين في الأراضي الفلسطينية بشأن الجرائم الواقعة على خلفية الشرف.
قانون أحوال شخصية
ولكن لماذا لا تطبق القوانين للحد من هذه الجرائم؟ وهل المجتمع الفلسطيني جاهز للتغيير، إن كان لجهة إصلاح قوانين الأحوال الشخصية أو لجهة وضع حد للعنف المنزلي ضد المرأة؟
"نحن ليس لدينا قانونا فلسطينيا للأحوال الشخصية "، قالت دياب.
وأضافت "كنا بدأنا بدراسة مشروع قانون، لكنه ما يزال مشروعا حتى الآن، وتدرسه كافة الجهات والشرائح والحركات النسائية والوزارات المعنية المختلفة والمؤسسات الحقوقية حتى نستطيع إقراره فيما بعد".
وفي المقابل، لفتت الناشطة سعادة إلى وجود إستراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تم تطويرها وإعدادها من قبل اللجنة الوطنية لمناهضة العنف بقيادة وزارة شؤون المرأة ودعم من هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة ضمن برنامج الأهداف الإنمائية.
وأضافت سعادة أن هذه الإستراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسية وهي الحماية والوقاية والتمكين. وقد توجهت إلى جميع الفئات في المجتمع لتحديد أدوارهم وإشراكهم في عملية التغيير الاجتماعي.
فيما أكدت دياب أن "المجتمع الفلسطيني مستعد للتغيير وهو يعمل بكل جهد سواء على مستوى قطاع الشباب أو على مستوى المؤسسات الحكومية أو على مستوى منظمات المجتمع المدني وأيضا القطاع الخاص".
وشددت على ضرورة "أن نعمل بجهد لنصل إلى نسائنا في الأرياف وفي المناطق المختلفة وأن نبدأ بتطبيق الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في مختلف الأراضي الفلسطينية".
توافر الظروف
غير أن سعادة سلطت الضوء على "أن المجتمع الفلسطيني في حالة تغييرات متعددة وعدم استقرار"، مشيرة إلى أن ارتفاع نسبة البطالة سبب سياسة الإغلاق، وتحكم إسرائيل بشق العمل والموارد الاقتصادية للسلطة، إضافة إلى تعطيل المجلس التشريعي والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، كلها عوامل تصعب عمل المؤسسات على مناهضة العنف ضد النساء.
ولفتت سعادة إلى أنه "لا يمكن الوقوف جانبا وتأجيل القضايا الاجتماعية لحين توفر الظروف السياسية المناسبة".
وأضافت "يجب أن تصان الحقوق في أي ظرف كان. وهذه المعضلة وقعت فيها العديد من المجتمعات العربية، وتضررت منها الحركات النسائية، إلا أنها وعت حاليا بضرورة العمل على حماية حقوق وامتيازات النساء في ظل أي سيادة. وهذا يتطلب حاليا عمل المؤسسات على تمكين النساء من المشاركة السياسية وتوفير الفرص المناسبة لوصولها إلى المراكز العليا من صنع القرار".
هذا القلق على مستقبل المرأة العربية أبدته أيضا رئيسة مركز المرأة في الإسكوا مهريناز العوضي.
وقد دعت في معرض حديثها الدول العربية إلى إيلاء المرأة المزيد من الاهتمام من خلال وضع وتفعيل استراتيجيات تحد من العنف ضد المرأة، إضافة إلى تعزيز القوانين لتمكين المرأة من المشاركة السياسة في ظل الوضع الراهن.