لندن- كمال قبيسي
لا أحد يعرف أين هو مؤسس موقع "ويكيليكس" الذي اشتهر ببث تسريبات عسكرية أمريكية، الأسترالي جوليان أسانج، بعد أن نشرت صحيفة "أكسبريسن" السويدية السبت 21-8-2010 خبرا في موقعها الإلكتروني يقول إن السويد أصدرت مذكرة باعتقال أسانج البالغ من العمر 39 سنة بتهمة إقدامه في الماضي على اغتصاب فتاتين سويديتين على مراحل.
وتقول "إكسبريسن" الواسعة الانتشار إن القاضية السويدية ماريا شلستراند أصدرت مذكرة للانتربول الدولي باعتقال أسانج بعد دراسة ملف قضائي سويدي يخصه وفيه أنه أقدم على اغتصاب فتاة في العشرينات من عمرها، وثانية في الثلاثينيات، لكن الصحيفة لم تذكر المزيد من التفاصيل.
واتصلت "العربية.نت" بالصحافي قاسم حماد، وهو لبناني ويعمل في الصحيفة السويدية باستوكهولم كمسؤول عن أخبار المنطقة العربية وشؤون الشرق الأوسط بشكل عام، فقال إن الخبر خرج لتوه للعلن ونحن نجهد في الصحيفة سعيا وراء المزيد من التفاصيل" على حد تعبيره.
وذكر حماد أن ما توفر للصحيفة حتى الآن هو أن أسانج كان موجودا في استوكهولم حتى الأربعاء الماضي "لكننا لا نعرف أين اختفى منذ ذلك الوقت، ولسنا متأكدين على أي حال أنه كان في العاصمة السويدية الأربعاء الماضي، لذلك نتسابق مع عقارب الساعة لنلم بكل تفاصيل الموضوع. أما خبر مذكرة الاعتقال فأكيد وصحيح، وإلا لنفته السلطات القضائية حال نشره" كما قال.
والمعلومات التي لملمتها "العربية.نت" عن جوليان أسانج هو أنه شخصية غامضة بطبيعته وماهر بإحاطة نفسه بالسرية وبالتخفي، خصوصا أنه امتهن استقبال وثائق سرية أمريكية تم تسريبها إليه من مجهولين فيكدِّس المعلومات من العراق إلى كينيا مرورا بايسلندا، وضربته الأخيرة كانت الحرب في أفغانستان.
وكان الموقع نشر 77 ألف وثيقة عسكرية سرية في يوليو (تموز) الماضي مثيرا عاصفة إعلامية رافقتها انتقادات بشكل خاص من البنتاغون الذي اتهمه باللامسؤولية. إلا أن أسانج رد في بيان وزعه وقال فيه: "نريد 3 أمور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وإنقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ" على حد تعبيره.
وأمضى أسانج الذي أبصر النور في 1971 بجزيرة مانييتيك في شمال شرق أستراليا طفولته متنقلا كالرحل، إلى درجة أنه دخل 37 مدرسة وفق ما روى هو نفسه لوسائل إعلام أسترالية، وقال إنه أمضى سن المراهقة في مدينة ملبورن، وفيها اكتشف موهبته في التقرصن المعلوماتي عبر الإنترنت والتصرف كقرصان حقيقي سعيا وراء الممنوعات الحساسة.
ثم أصبح أسانج مستشارا أمنيا ومن بعدها أسس في 2006 بأستراليا موقع "ويكيليكس" للخدمات المعلوماتية مع "10 آخرين ناشطين في جمعيات لحقوق الإنسان ووسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات، ومن وقتها أحاط نفسه بسرية تامة، خصوصا منذ نشر الوثائق السرية عن أفغانستان، وأجرى على نفسه عمليات تنكر فقص شعره الطويل الأشقر، ولم يعد يعطي أي رقم لهاتف نقال يحمله، وكل ذلك لأنه شعر بأنه ملاحق، خصوصا في لندن التي أمضى فيها أياما عدة بأوائل الشهر الحالي ومنها سرت أخبار بأنه قد يلجأ للإقامة في ايسلندا أو السويد لأن قوانين وتشريعات البلدين مواتية له كمحطتين مفضلتين في سفرياته الدائمة من لندن إلى نيروبي ومن هولندا إلى كاليفورنيا.
وكان أسانج سافر إلى عاصمة ايسلندا، ريكيافيك، في مارس (آذار) الماضي وفيها ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية أنه كان يعمل أنذاك في ايسلندا على "المشروع باء" من دون أن يشرح الكثير عن تفاصيله، وهناك انزوى لأسابيع عدة في بيت أسدل فيه الستائر بشكل دائم على كل نوافذه ليحضر مع بعض أنصار "ويكيليكس" أول سبق صحافي قام به عبر الموقع الشهير، ولم يكن ذلك السبق سوى شريط فيديو صورته كاميرا إحدى المروحيات العسكرية عن خطأ دموي ارتكبه الجيش الأمريكي 2007 ببغداد.
وأثار الشريط غضب جمعيات حقوق الإنسان وغضب العراقيين الذين شاهدوا الجيش الأمريكي يقتل مدنيين في بغداد من هليكوبتر"آباتشي" بكل دم بارد، وهي مجزرة تحدث عنها شهود عيان نقلوا وقتها ما رأوه من موقع الحادث، لكن أحدا لم يستمع إليهم حتى تم تسريب الشريط الذي يظهر ما دار بين طاقم المروحية والقوات الأمريكية على الأرض بالصوت والصورة بكل وضوح.